مخاطر صيام مرضى السكري
في هذه المقالة سنتعرف على المخاطر التي يمكن أن تواجه مريض السكري عند الصيام
صيام مريض السكر

مرض السكري
يقول أحد الأطباء: أكاد لا أحصي عدد الأسئلة المتعلقة بداء السكري بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم حيث يهتم الناس كثيرًا بمرضى السكري لانتشاره في تقريبا كل البيوت العربية ومن علامات اهتمام الناس أيضا بداء السكري في رمضان، تلك "العادة" التي تتمثل في أن الجميع: مرضى وأصحاء، نساء ورجالا، كبارا وصغارا، أصبحوا يبحثون عن قياس نسبة السكر في الدم – دون غيره من التحاليل الطبية – مما يضطرنا إلى اتباع الموجة والقيام ببعض الحملات الطبية في هذا الاتجاه، عبر القياس السريع لمعدلات السكر في الدم بواسطة آلات القياس التي أصبحت متاحة بكثرة في الأسواق – رغم بعض الاستشكالات التقنية المرتبطة بهذه الأدوات الطبية التي لا يتسع هذا الفضاء للخوض فيها… غافلين أو متغافلين كون تشخيص ومراقبة السكري لا يجب أن يتم مباشرة قبل شهر الصيام، بل قبل ذلك بفترة كما سنبين ذلك أسفله.
كل هذه الحكاية لأدلل على وجود رابط تلقائي نفسي أساسا أصبح يجمع مرض السكري بشهر رمضان… لكن الأمر يقف عند هذا الحد لينقلب 180 درجة عندما تتطرق إلى صيام مرضى السكري وتنصح أحدهم بالتخلي عن فكرة الصيام لأسباب موضوعية… وجوابه معروف: الأفضل أن أموت ولا أنقطع عن الصيام… متغافلا الآيتين الكريمتين "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة" وقوله تعالى "ومن كان مريضا أو على سفر، فعدة من أيام أخر. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
بالفعل، فالمصاب بداء السكري قد يتعرض لأزمات ومضاعفات شديدة إذا ما قرر الصيام دون تخطيط ومراقبة مسبقتين للصيام قد تصل إلى درجة الهلاك، كما سنوضح ذلك بعد قليل.
تغيرات نسبة السكر في الدم أثناء الصوم
يرتفع معدل السكر أو الجلوكوز في الدم خلال فترة ما بعد الأكل ليقارب – دون أن يتجاوز – 200 ملغ في اللتر بعد ساعتين، ليبدأ في الانخفاض التدريجي ويستقر بعد ساعتين أخريين في المستويات الطبيعية التي تتراوح بين 80 و110 ملغ في اللتر.
وتؤكد العديد من الدراسات العلمية أن هذه المستويات لا تعرف تغيرا كبيرا، خلال فترة صيام تدوم من 10 إلى 12 ساعة متواصلة كحد أقصى، حتى وإن لم يكن هناك استهلاك كافي لمادة الغلوكوز الحيوية للجسم قبل بداية التوقف عن الأكل والشرب؛ والفضل يرجع إلى الكبد (والعضلات بنسبة أقل) الذي يقوم بتعويض ما يتم استهلاكه من الغلوكوز عبر استغلال السكر المخزن على مستواه على شكل غلوكوجين. إلا أنه بعد نصف يوم من الصيام، يبدأ مستوى السكر في الدم في الانخفاض مجددا لعجز الكبد عن ضمان الحاجيات الكاملة، لتبدأ علامات التعب البدني وصداع الرأس والجوع وغيرها بالظهور.
هذا إذا لم يصل الغلوكوز – في بعض الأحيان – إلى مستويات حرجة: أي ما تحت 60 ملغ في اللتر مع كل المضاعفات التي يمكن أن تتعرض لها إذا لم تكن مستعدا بشكل كافي لهذه الساعات الطوال من الصيام.
هذا ما يحدث من تغيرات "فيزيولوجية" عند صائم لا يعاني من داء السكري؛ أما إذا كنت من المصابين بهذا الأخير – خصوصا في حالات معينة نتطرق إليها أسفله – فالتغيرات من ارتفاع وانخفاض تكون أكثر حدة، وبالتالي يصبح المريض معرضا أكثر للمضاعفات التي يمكن أن تكون شديدة وتشكل خطرا على حياته إذا لم يتبع نصائح الطبيب فيما يخص الصيام من عدمه أو الطريقة الصحيحة للصيام، والأكل وتناول العلاج الخاص بالسكري.
أسباب عدم استقرار السكر خلال شهر رمضان
يمكن أن نميز في هذا الباب بين ثلاث عوامل رئيسية:
- تغير النظام الغذائي في رمضان من حيث عدد الوجبات ومواعيدها الزمنية ومكوناتها وعدد السعرات الحرارية التي تحويها، مما يؤدي إلى الرفع من مستويات السكري أو انخفاضه حسب كل حالة.
- تغير في النشاط البدني للصائم: إذ أنه يقل خلال شهر رمضان، إلا بالنسبة لأولئك الذين يمارسون الرياضة الليلية أو يؤدون صلاة التراويح أو قيام الليل، مما ينعكس بصورة إيجابية على نسبة السكر في الدم.
- تغير النظام العلاجي: ومدعاته تغير النظام الغذائي والنشاط البدني خلال شهر رمضان: فيتم الاستغناء على الفترة الصباحية من العلاج على وجه الخصوص، كما أن الإبقاء أو الرفع أو التخفيض من الجرعات قد تكون له انعكاسات سلبية على السلامة الصحية لمريض السكري وظهور مضاعفاته.
المضاعفات المحتملة لصيام مرضى السكري
يؤدي عدم امتثال المصاب بالسكري لنصائح الطبيب بالامتناع عن الصيام لدواعي طبية إلى احتمال اصابته بأحد أو بعض المضاعفات الأربعة الرئيسية التالية التي لا تفاقم فقط من مرضه، بل قد تهدد حياته بأكملها:
الانخفاض الحاد في نسبة السكر في الدم – خصوصا ما تحت 60 ملغ في اللتر – الذي يعود أساسا إلى التوقف لساعات طوال عن الأكل… ومن علاماته:
- التعرق المفرط.
- إحساس سريع بالجوع المفرط.
- ارتفاع في قوة نبضات القلب المعروف بالخفقان.
- ارتجاف وتوتر عصبي.
- اضطرابات في الرؤية قد تصل إلى الرؤية المزدوجة (vision double).
- دوخة أو صداع في الرأس.
- اضطرابات سلوكية، وكأن المريض في حالة سكر حد الثمالة (الكحول مخفض للسكر في الدم).
- اضطرابات في الوعي قد تصل إلى الغيبوبة وحتى الغيبوبة + اضطرابات عصبية لا رجعة فيها.
الارتفاع الحاد في نسبة السكر في الدم: ويرجع إلى التقليص من جرعات الأدوية للوقاية من الانخفاض الحاد للسكر و/أو استهلاك أطعمة مشبعة بالسكريات السريعة… ومن علاماته:
- الإعياء.
- الدوخة واضطرابات في الرؤية.
- التبول المفرط.
- إحساس بالجوع والعطش المفرطين.
- تراجع سريع في الوزن.
- توتر عصبي.
- وقد يصل إلى فقدان الوعي أو الغيبوبة خصوصا في حالة: الحماض الكيتوني السكري: وهو من أخطر المضاعفات على الإطلاق، ويصيب أكثر مرضى السكري من النوع 1 حينما ترتفع نسبة السكر في الدم بشكل صاروخي بسبب نقص في امدادات الأنسولين، الشيء الذي ينجم عنه انخفاض في إنتاج الطاقة، مما يؤدي بالجسم إلى الاستعانة بالدهون لإنتاجها. ومن "نفايات" حرق هذه الدهون تتكون الأحماض الكيتونية السامة التي ترتفع نسبتها في الدم، مما يؤدي إلى ظهور مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.
ومن جملة الأعراض المبكرة المميزة للحماض الكيتوني السكري نذكر:
- نفس ذا رائحة مميزة منفرة تشبه رائحة مذيب طلاء الأظافر.
- آلام في البطن (خصوصا عند الأطفال).
- غثيان وتقيء.
- بشرة جافة وباردة.
- انخفاض في افرازات العرق- تسارع في حركات التنفس وعمقها.
الاجتفاف: وأكثر من يصاب به مرضى السكري المتقدمون في السن، حيث يفقد الجسم كميات كبيرة من السوائل بسبب التوقف عن استهلاكها خلال فترة الصيام أو بسبب الجهد العضلي الكبير الذي يتم بذله خلال تلك الفترة (مهن البناء، الفلاحة، المعامل). نتائج هذا الاجتفاف قد تهدد حياة المريض الذي قد يصبح ضحية ل:
- انخفاض حاد في الضغط الدموي.
- فقدان للوعي والسقوط مع احتمال التعرض لكسور.
- تخثر مفرط في الدم مع خطر الإصابة بالجلطات (السكتة الدماغية، الذبحة القلبية).
- غيبوبة فرط الأسمولية اللاكيتوني: حيث يجتمع الاجتفاف الشديد مع ارتفاع كبير لنسبة السكر في الدم قد يصل إلى أكثر من 6 غرامات في اللتر! كما يحدث تركيز كبير في العناصر المكونة لبلازما الدم من معادن وجزيئات ترفع من الكتلة الإجمالية للدم ومن الضغط الذي قد يؤثر في عمل الكلي المؤدي إلى الفشل الكلوي.
من لا يحق لهم الصيام من المصابين بداء السكري
بسبب المخاوف السابقة نرى– مبدئيا – أن صيام مرضى السكري الذين تنطبق عليهم الحالات التالية لا يجوز، وإن كان من الأفضل استشارة الطبيب في الأمر شهرا إلى شهرين قبل قدوم شهر رمضان، وليس أياما قليلة قبل حلوله كما يفعل أغلب المرضى المستشيرين.
- المصابون بداء السكري من النوع 1 (سكري الأطفال والشباب).
- السكري غير المستقر سواء بانخفاض مستوياته أو ارتفاعها أو أحد مضاعفاته المذكورة سلفا.
- ظهور مضاعفات أخرى للسكري كأمراض الكلي وشبكية العين والشرايين التاجية.
- السكري وارتفاع الضغط الدموي / السكري وأمراض الكبد / السكري والنقرس / السكري وحصى الكلي / السكري والتهابات المعدة المزمنة أو المتواترة.
- السكري عند المرأة الحامل.
- المرضى الذين يخضعون لتصفية الدم بشكل منتظم.
- السكري عند المتقدمين في السن. - المرضى الذين يخضعون للعلاج بالأنسولين بأكثر من نوع (سريع – بطيء – متوسط) و/أو يعالجون بأدوية السلفوناميد الخاصة بالسكري دون إمكانية تغييرها أو التخفيض من جرعاتها.
- المرضى الذين تتجاوز معدلات السكر في الدم عندهم 2.5 غرامات في اللتر و/أو الهيموجلوبين السكري (الخزان) 8%.