شعر

شعر عن الحسد والحاسدين

في هذه المقالة إليكم أبرز ما جاء في الشعر العربي من أبيات عن الحسد والحاسدين

أبيات شعرية عن الحسد

محمود سامي
شعر عن الحسد والحاسدين

الحسد

الحسد هو مشاعر سلبية يشعر بها الإنسان تجاه الآخرين، حيث يتمنى بشكل غير صحي أن يكون لديهم ما يمتلكونه، سواء كان ذلك في المجالات المادية أو النجاح أو الجمال أو أي جانب آخر يثير رغبة الحاسد. تعد الشعر عن الحسد والحاسدين وسيلة للتعبير عن هذه المشاعر المعقدة والتفكير في تأثيرها على الفرد والمجتمع. فيما يلي مقالة تستكشف شعر شعر عن الحسد والحاسدين:

الحسد أغبي الرذائل، فهو لا يعود على صاحبه بأية فائدة

إرنست هيكل

يعد الحسد واحدًا من العواطف السلبية التي يتعامل معها الإنسان، فهو ينشأ من الشعور بالغيرة وعدم الرضا عن حالته الحالية، ويرتبط بالرغبة في التمتع بما يمتلكه الآخرون. الحاسد يشعر بالانزعاج والألم عندما يشهد نجاحًا أو سعادة شخص آخر، مما يدفعه للتفكير في الطرق التي يمكنه من خلالها الحصول على ما يمتلكه الآخرون.

ليس الحاسد هو الذي يطمع أن يساويك بأن يرقى إليك، بل هو الذي يريد أن تساويه بأن تنزل إليه.

عباس محمود العقاد

تعكس كلمات شعر الحسد والحاسدين مجموعة من المشاعر والأفكار المتعلقة بهذه الظاهرة الانسانية المعقدة. قد تستخدم الكلمات للتعبير عن الغضب والغيرة والمرارة، فكلمات مثل "الغيظ" و"الحقد" و"الحماقة" قد تكون مستخدمة لوصف الحاسد ومشاعره السلبية. ومن جهة أخرى، يمكن أن تستخدم الكلمات للتعبير عن الحزن والشجب والتأمل، فمثلاً "الحسرة" و"السؤال" و"التأمل" قد تعبر عن تأثير الحسد على الفرد وتأمله في طبيعة هذه الظاهرة.

الحسد أول خطيئة ظهرت في السموات، وأول معصية حدثت في الأرض!

الجاحظ، رسائل الجاحظ

يستخدم الشعراء الصور الشعرية لإظهار تأثير الحسد والحاسدين، فمن خلال الصور المجازية والرمزية، يمكن للشاعر توصيل رسائله وأفكاره بشكل أكثر قوة وتأثيرًا. قد تستخدم الصور مثل "الأفعى السامة" و"الظلام المكبوت" و"العيون الحاسدة" لوصف الحاسدين وطبيعة سلوكهم. قد تستخدم الصور أيضًا للتعبير عن الأضرار التي يمكن أن يسببها الحسد، مثل "الجروح الداخلية" و"القيود الذهنية" و"العزلة الروحية".

على الرغم من الأحاسيس السلبية التي يثيرهالحسد، إلا أن الشعر عن الحسد والحاسدين يمكن أن يكون أيضًا وسيلة للتأمل والتغيير الإيجابي. يمكن للشعراء استخدام قوة الكلمات والصور لتحويل الحسد إلى حافز للتحسين الذاتي والنمو الروحي. يمكن أن يعمل الشعر على توجيه الحاسدين نحو فهم أن النجاح والسعادة ليست مقتصرة على الآخرين، بل يمكن أن تتحقق للجميع بجهودهم الخاصة.

لو ملكت عقوبة الحاسد لم أعاقبه بأكثر مما عاقبه الله بإلزامه الهموم قلبه وتسليطها عليه، فزاده الله حسدًا، وأقامه عليه أبدًا.

الجاحظ

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشعر عن الحسد والحاسدين أن يكون وسيلة للتوعية والتغيير الاجتماعي. يمكن للشعراء أن يقدموا صورة واقعية للتأثير السلبي للحسد على الفرد والمجتمع، وبالتالي تحفيز المجتمع على مكافحة هذه الظاهرة وتعزيز التعاطف والتقدير للآخرين.

أبيات شعرية عن الحسد

قال السلماني الخطيب وهو أحد شعراء العصر الأندلسي في ديوان لسان الدين بن الخطيب عن الحسد:

أصابَتْكَ يا عيْنُ عيْنُ الحَسَدْ .. فتَجْرُ النّدى والنّدامَى كَسَدْ

وُكِلت لكُلِّ شَهيرٍ خَطيرٍ .. فقُمْتَ بهِ وسَدَدْتَ المَسَدْ

ولمّا علَوْتَ وقُدْتَ الزّمانَ .. بحَبْلٍ فأوْهَقْتَهُ منْ مَسَدْ

رأى أسَداً منْ أُسودِ الرِّجالِ .. لِذاكَ رَماكَ بِداءِ الأسَدْ

تعَزَّ فَما ثَمَّ منْ كائِنٍ .. يُصاحِبُهُ الكوْنُ إلا فَسَدْ

وقدْ يتأتّى صَلاحُ النّفوسِ .. وتَطْهيرُها بفَسادِ الجَسَدْ

 بينما قال أبو العلاء المعري عن الحسد:

ما يُحسِنُ المَرءُ غَيرَ الغِشِّ وَالحَسَدِ .. وَما أَخوكَ سِوى الضُرغامَةِ الأَسَدِ

لا خَيرَ في الناسِ إِن أَلقوا سِيادَتَهُم .. إِلَيكَ طَوعاً فَخالِفهُم وَلا تَسُدِ

فَلَيسَ يَرضَونَ عَن والٍ وَلا مَلِكٍ .. وَلَو أَتَوا بِالأَماني في قُوى مَسَدِ

جَاوُوا الفَخارَ بِأَموالٍ لَهُم نُفُقٍ .. وَلَم يَجيئوا بِأَخلاقٍ لَهُم كُسُدِ

وَإِن تَكُن هَذِهِ الأَرواحُ خالِصَةً .. فَهُنَّ يَفسُدنَ في أَرواحِنا الفُسُدِ

وَقَد رَأَينا كَثيراً بَينَنا جَسَدا .. بِغَيرِ رَوحٍ فَهَل رَوحٌ بِلا جَسَدِ

تَطَهَّرَت بِنَبيذِ التَمرِ طائِفَةٌ .. وَقَد أَجازوا طُهوراً بِالدَمِ الجَسَدِ

فَالحَمدُ لِلَّهِ ما نَفسي بِساميَّةٍ .. وَلا بَناني عَلى أَيدي العُفاةِ سَدِ

 بينما قال أبو الطيب المتنبي عن الحسد:

وَهَكَذا كُنتُ في أَهلي وَفي وَطَني .. إِنَّ النَفيسَ غَريبٌ حَيثُما كانا

مُحَسَّدُ الفَضلِ مَكذوبٌ عَلى أَثَري .. أَلقى الكَمِيَّ وَيَلقاني إِذا حانا

لا أَشرئِبُّ إِلى ما لَم يَفُت طَمَعاً .. وَلا أَبيتُ عَلى ما فاتَ حَسرانا

وَلا أُسَرُّ بِما غَيري الحَميدُ بِهِ .. وَلَو حَمَلتَ إِلَيَّ الدَهرَ مَلآنا

 وقال ابن أبي طاهر عن الحسد:

ياحاسداً فضل امرئٍ سيِّدٍ .. أصبح قد أحسن في فعله

لا زلت إلاَّ باغياً حاسداً .. لكلِّ ذي نبلٍ على نبله

وزاد من تحسده نعمةً .. دائمةً تبقى على مثله

ولم يزلْ ذو النّقصِ مِن نقصِه ..يحسُدُ ذا الفضلِ على فضلِهِ

 وقال محمود الوراق عن الحسد:

أَعطَيتُ كُلَّ الناسِ مِن نَفسي الرِضا .. إِلّا الحَسودَ فَإِنَّهُ أَعياني

لا أَنَّ لي ذَنباً لَدَيهِ عَلِمتُه .. إِلّا تَظاهُرَ نِعمَةِ الرَحمَنِ

يَطوي عَلى حَنَقٍ حَشاهُ لِأَن رَأى .. عِندي كَمالَ غِنىً وَفَضلَ بَيانِ

ما إِن أَرى يُرضيهِ إِلّا ذِلَّتي .. وَذَهابُ أَموالي وَقَطعُ لِساني

فَسَأَستَعينُ بِخالِقي مَولى الوَرى .. يَكفينا بِها مِنَ الشَيطانِ

 وقال الإمام الشافعي عن الحسد:

وَدارَيتُ كُلَّ الناسَ لَكِن حاسِدي .. مُداراتُهُ عَزَّت وَعَزَّ مَنالُها

وَكَيفَ يُداري المَرءُ حاسِدَ نِعمَةٍ .. إِذا كانَ لا يُرضيهِ إِلّا زَوالُها

 وقال أبو الطيب المتنبي عن الحسد:

بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً .. أَثَرتُ بِها مابَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ

إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ .. أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ

وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ .. وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ

أما ابن المعتز فقال عن الحسد:

كَم حاسِدٍ حَنِقٍ عَلَيَّ بِلا .. جُرمٍ فَلَم يَضِرُّني الحَنَقُ

مُتَضاحِكٍ نَحوي كَما ضَحِكَ .. تنارُ الذُبالَةِ وَهيَ تَحتَرِقُ

وقال الطغرائي في شعره عن الحساد والأعداء:

جاملْ عدوَّكَ ما استطعتَ فإنهُ .. بالرِفْقِ يُطْمَعُ في صلاح الفاسدِ

واحذرْ حسودَك ما استطعتَ فإنه .. إن نِمْتَ عنه فليسَ عنك براقدِ

إن الحسودَ وإن أراكَ توَدُّداً .. منه أضرُّ من العدوِّ الحاقدِ

وقال أبو الأسود الدؤلي عن الحسد:

حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ .. فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ

كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها .. حَسداً وَبَغياً إِنَّهُ لَدَميمُ

وَالوَجهُ يُشرُقُ في الظَلامِ كَأَنَّهُ .. بَدرٌ مُنيرٌ وَالنِساءُ نُجومُ

وقال أيضًا:

ألا إنَّ أخلاقَ الفَتَى كزَمانِهِ، فمنهُنَّ بِيضٌ في العيون وسُودُ

وتأكُلنا أيَّامُنا فكأنَّما تَمرُّ بِنا السَّاعاتُ وهي أُسودُ

وقد يَخمُلُ الإنسانُ في عُنفوانِه وينبَهُ مِن بَعدِ النُّهَى فيسودُ

فلا تحسُدنَّ يوماً على فضلِ نعمةٍ، فحسبُكَ عَاراً أنْ يُقالَ حَسودُ

الحُسَّاد كما يراهم أبو العلاء المعري مفروضون علينا لا ينجو منهم أحد:

الملكُ لله، لا تنفكُّ في تعبٍ حتى تزايَلُ أرواحٌ وأجسادُ

ولا يُرى حيوانٌ لا يكونُ له فوقَ البَسيطةِ أعداءٌ وحسادُ

ولا بد مِن حَسدٍ إذا كان المرءُ مهماً عظيماً له سمعة وسطوة وقوة... يقول المتنبي:

وكيفَ لا يُحْسَدُ امرؤٌ عَلمٌ لَهُ على كُلِّ هَامةٍ قَدَمُ!

بل ويرى أبو تمام في الحاسد نعمة

واعذرْ حَسودَكَ فيما قد خُصِصْتَ به، إِن العُلا حَسَنٌ في مثلِها الحَسَدُ!

يقول ابن خاتمة الأندلسي في التعامل مع الحسود:

إِنْ تَذمَّ الحَسودَ ذَمَّكَ جَهراً، أو تَنَلْ مِنه نالَ مِنكَ وعيَّا!

فإِذا مَا سَمَوتَهُ بكَمالٍ نِلتَ مِنهُ ولم يَنَلْ مِنكَ شَيَّا

ويقول ابن المعتز أيضاً في الصبر على الحسود:

اصبرْ على كَيدِ الحَسودِ فإنَّ صَبرَكَ قاتِلُهْ

فالنَّارُ تأكلُ بعضَها إِنْ لَم تَجِدْ مَا تأكلُهْ

والصبر على الحُسَّاد هو أيضاً مذهب عمر بن الوردي إذ يقول:

واصبرْ على الحُسادِ صَبرَ مُدَبّرٍ، قد أظهرَ الإِقبالَ في الإدبارِ

كم نالَ بالتَّدبيرِ مَن هو صَابرٌ ما لَم يَنَلْهُ بعسكَرٍ جَرارِ!

فيما يرى الشريف المرتضى أن المناقب الحسنة تزيد من غيظ الحسود لكنها تُسكته فيكتم حسده في قلبه:

ورُبَّ حَسودٍ يَزدَريني بقلبِهِ إِذا رَامَ نُطقاً أَخرَسَتهُ المناقِبُ

وهو المعنى الذي يذهب إليه ابن المعتز، فمعابة الحسود لا تحتسب!

مَا عَابَني إِلَّا الحَسود وتِلكَ مِن إِحدى المناقبْ

ونصح الإمام علي بن أبي طالب بالابتعاد عن شر الحسد حيث قال:

ودَعِ الكَذِبَ فَلا يَكُنْ لَكَ صَاحِباً، إِنَّ الكَذوبَ لَبِئسَ خِلّ يُصْحَبُ

وَذَرِ الحَسُودَ ولو صَفا لكَ مرَّةً، أبعِدهُ عَنْ رُؤياكَ لا يُستجْلَبُ

وقال ابن وكيع التنيسي فيرى في حسد الصديق لصديقه:

لا تَحْسُدَنَّ صَديقاً عَلى تَزايدِ نِعمةْ

فإِنَّ ذلكَ عِندي سُقوطُ نَفْسٍ وهِمَّة

وفي أثر الحسد على الحاسد نفسه يقول الشّاعر:

إِن شِئتَ قَتلَ الحَاسِدينَ تَعمُداً، مِن غَيرِ مَا ديَّةٍ عليكَ ولا قَودْ

وبغيرِ سُمٍّ قاتلٍ، وصَوارمٍ، وعِقابِ ربٍّ ليسَ يغفلُ عَن أحدْ

عَظِّمْ تجاهَ عيونِهم مَحْسوَدَهم؛ فتَراهُمُ مَوتى النُّفوسِ مَع الجَسَدْ

ذَوْبُ المعادنِ باللَّظى لكنَّما ذَوْبُ الحّسودِ بحَرِّ نيرانِ الحَسدْ

ما زالَ إِن حياً وإِن ميتاً ضنىً مُتَعذِّباً فيه إِلى أَبد الأبدْ!

في الختام، فإن شعر الحسد والحاسدين يعكس التجارب الإنسانية المعقدة والمشاعر المتعلقة بالحسد والغيرة. إنه وسيلة فنية قوية يستخدمها الشعراء للتعبير عن هذه المشاعر وتفكيرهم في تأثيرها على الفرد والمجتمع. بالرغم من أن الحسد قد يكون شعورًا سلبيًا، يمكن للشعر أن يكون أداة للتغيير الإيجابي والتوعية. إنه يساهم في فهم أعمق للنفس البشرية وتعزيز التعاطف والتقدير للآخرين.


شعر الحسد الحسد والحاسدين شعر عن الحسد أبيات شعرية عن الحسد